مذهب التبرير بالإيمان عند النصارى دراسةعقدية وصفية تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الشريعة والدراسات الإسلامية جامعة القصيم

المستخلص

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أن عيسى عبد الله ورسوله وکلمته ألقاها إلى مريم وروح منه, وبعد:
أخرج الإمام اللالکائي في شرح السنة بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «اتقوا الإرجاء فإنها شعبة من النصرانية», هذا الأثر وإن کان في سنده مقال إلا أنه أثار فضولي للتنقيب, هل لهذا المذهب (الإرجاء) وجود في الديانة النصرانية المحرفة.
وبعد قراءتي وبحثي سواء في الکتاب المقدس أو الکتب المؤلفة في النصرانية, وجدت مذهباً معروفاً عندهم - مشابهاً لمذهب الإرجاء- يسمى(مذهب التبرير بالإيمان) ويعني أن مجرد التصديق بأن المسيح مات فادياً ومخلصاً کافي في النجاة في الآخرة من دون عمل.
وقد ظهر مذهب التبرير في فترة متقدمة في الديانة النصرانية على يد (بولس) کما تشهد بذلک رسائله, إلا أنه حصل بسببه نزاع بين بولس ورسل المسيح وبالأخص يعقوب الحواري حيث اعتبره الثاني نقص في معنى الإيمان وإهمال للعمل بالناموس والوصايا التي جاءت في الکتاب المقدس.
واستمر هذا الخلاف حول هذا المذهب ما بين شد وجذب-کما سنرى- حتى بلغ أوجه في القرن السادس عشر الميلادي حين ظهرت حرکة الإصلاح الديني على يد(مارتن لوثر) والذي أعاد إبراز هذه العقيدة وتبناها, ووجد فيها أنها المخرج الأمثل للتسلط الکنسي على رقاب الناس.
وبما أن مذهب التبرير -مع ما له من المکانة والأهمية وخصوصاً أنه يفسر لنا کثيراً من مظاهر الانفلات الأخلاقي وظهور مذاهب الإلحاد عندهم- لم أجد من أفرده بالبحث وتبناه بالدراسة والتتبع مراعياً جوانبه العقدية والتاريخية, فأحببت أن ألقي الضوء عليه, وعنونت له بـ(مذهب التبرير بالإيمان عند النصارى: دراسة عقدية مقارنة).